اليدومي يجتزئ التاريخ عند استعراضه لمسيرة تجمع الاصلاح
يمنات
مكرم العزب
في ندوة فكرية أقامها مركز الجزيرة للدراسات بتاريخ 25 سبتمبر 2016م استعرض رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح الاستاذ محمد عبدالله اليدومي تاريخ حزبه.
و بعد انتهائي من قراءة نص الورقة التي نشرها, كنت ابحث عن ملاذٍ للصمت, مع عالم الصامتين وعملا بقاعدة من مس الحصى فقد لغى, و مَنْ لغى فلا جُمعة له .. لكن طبيعة فضولي و تربيتي النقدية و واجبي الوطني حملتني لأقول قولي, فمنذ بداية السرد التاريخي لليدومي حتى التحاق تجمع الاصلاح بتكتل أحزاب اللقاﺀ المشترك فيما بعد والتي كونت سلفا و سُميت (مجلس تنسيق احزاب المعارضة) تخيلت الاخ اليدومي فيما أظهره من تاريخ, كأنه يمر في ليل شديد الظلام, للبحث عن قطرات ضوﺀ لتاريخ اشبه بأشواك ومطبات, تعريه الشكوك حول الكثير من النقاط.
و في هذه الورقة لاحظت أنه لم يستطيع أن يقدم الجديد أو يمرق إلى العمق, فقد كان مروره السطحي على مواقف و أحداث و تحالفات تجمع الاصلاح غير كافية, ليقدم درسا موضوعيا للأجيال التي لم تعش الحدث بكل صدق و موضوعية, و دون رتوش الالفاظ السياسية المطاطية, و قد أراد اليدومي أن يقدم درسا تاريخيا لانصار و أعضاﺀ حزبه و توصيل رسائل الاعتدال و الوسطية و أهمية التعامل مع الاخر بإيجابية. لكنه يوحي بعودة العلاقات الحميمية بين حزبه و المؤتمر الشعبي العام من خلال إعطاﺀ أمثلة تاريخية بتحالف وصل الى حد الاندماج مع حزب الرئيس اليمني السابق و حزبه.
لكن ما اورده اليدومي حول بعض المنعطفات التاريخية للتجمع, يحتاج منا جميعا أن نقف عندها, و لا ينبغي أن نصمت في توضيح بعض النقاط..
في موضوع تشكيل المجلس الوطني و سيطرة اليسارين و القومين و تواجدهم بشكل ضعيف, فمن حقنا أن نستفسر متى كان هذا المجلس الوطني بالضبط..؟ أو ان المقصود هو المجلس الجمهوري الذي تشكل أثر انقلاب 5 نوفمبر عام 1967م و تألف من القاضي عبد الرحمن الارياني و الفريق حسن العمري و أحمد محمد نعمان و الشيخ محمد علي عثمان, علما بأن هذا الانقلاب سبقه عقد مؤتمر برط المعارض لحكم عبد الله السلال و الذي كان من الداعيين له الزبيري و عبد الله بن حسين الاحمر.
المهم ما يهمنا ان ما بدا به اليدومي من سرد تاريخي لم يكن واضحا و معلوما..
ثم يتحدث اليدومي بنوع من الضبابية حول مشاركتهم في صياغة الدستور الذي يحدد بأن الاسلام هو المصدر التشريعي للقوانين جميعا, علما بأن الاساس في معارضة الاصلاح لدستور الجمهورية اليمنية كان الغرض منه تبني مواقف معارضة ضد الحزب الاشتراكي و بتنسيق مسبق مع علي صالح آنذاك كما اورد ذلك الشيخ عبد الله الاحمر في مذكراته، كما ان ما يسميه اليدومي من تبنيهم لمشاريع اصلاح التعليم قبل الوحدة, نسأله ماذا أصلحوا من التعليم, مناهجنا الدراسية مملؤة بالمغالطات و تغييب العقل و هيكلنا التعليمي متخلف..؟
ثم يعود ليقول انهم اكتشفوا بأن الاصلاح كان غائبا في كل مؤسسات الدولة، و أن اليسارين و القوميين كانوا متواجدين بشكل كبير .. و الله انها الطامة الكبري أن لا يدرك اليدومي بأنهم كانوا شركاﺀ مع نظام صالح طيلة حكمه في الشمال و ضلوا مسيطرين علي التعليم و على بعض مفاصل الجيش, و كانت صحفهم و اعلامهم و منشوراتهم و كتبهم ومؤلفاتهم الاخوانية تملأ الاسواق، بينما أولئك اليساريون لا يستطيع أحدهم أن يكون رئيس قسم او مدير مدرسة، و كانت كتبهم و صحفهم ممنوعة من أن تباع في الاسواق.
و في مسألة الانتخابات عام 1993 و في 1997 نسي او تناسى اليدومي أنهم دخلوا كل الفعاليات الانتخابية بتنسيق مسبق مع المؤتمر الشعبي العام، و لولا ذلك التنسيق ما حصلوا على تلك الارقام في نتائج الانتخابات, و ننبه بحكم تعايشنا لهذه التجربة أن حزب الاصلاح كان يستخدم كل اساليب التزوير الممكنة من تجييش اعضائه و جعلهم يرشحون بأكثر من دائرة في نفس اليوم، يتنقلون من دائرة الى دائرة, و يستخدمون الأسماﺀ الوهمية وووو …. و هذا دليل اخر بعدم ايمانهم بالديمقراطية و ترسيخ مبادئها الفعلية.
كما لا ننسى ان الاصلاح التحق مؤخرا بأحزاب مجلس تنسيق احزاب المعارضة التي كان المهندس الفعلي لهذا الاطار السياسي الجديد هو الشهيد جار الله عمر و كانت الدوافع و الاسباب الحقيقية لالتحاق التجمع به, هو خلافاتهم التجارية و السياسية مع شريكهم صالح و حزبه و التي ظهرت على السطح و أبان عنها بوسائل الاعلام أحد قيادات الاصلاح؛ حميد الاحمر, و خلافاته الشخصية مع أحمد علي صالح ابن الرئيس صالح.
كما يجب أن يعرف الجميع أن هذا التيار الديني كان له دور سلبي في ثورة 15 اكتوبر 1978م الناصرية، و كُلف علي محسن الاحمر المحسوب عليهم بتصفية الثوار, و قمع الثورة, كما شاركوا بكل ما يملكون في قمع و اخماد الجبهة الوطنية التي سيطرت على معظم المناطق اليمنية بعد 1979م, و كذلك مناهضتهم للاستفتاﺀ على دستور الوحدة, و مشاركتهم في حرب صيف 1994 و نهبهم لأموال و ممتلكات الجنوبيين مما نتج عنه هذا الحراك الجنوبي الكاره لقيم الوحدة بين الشطرين, ثم أليس من حقنا أن نقول بأن الاصلاح يستغل الدين و يستخدمه في سبيل الوصول إلى السلطة.
و أخيرا ملاحظاتي لم تنتهي على ما اورده اليدومي في ندوته السياسية, آملا من الجميع أن يعطيني التاريخ بكل تفاصيله لتكتمل الصورة .. مع حبي و احترامي و الدهر فقيه.